• ×

03:21 صباحًا , الإثنين 20 مايو 2024

الفصل الثالث: القوى الخارجية وأثرها في تشكيل سطح الأرض

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الفصل الثالث: القوى الخارجية وأثرها في تشكيل سطح الأرض
مدخل
...
الفصل الثالث: القوى الخارجية وأثرها في تشكيل سطح الأرض
رأينا كيف تستطيع القوى الداخلية أن تؤثر في قشرة الأرض. فهي التي تعمل أساسا على إنشاء البناء الداخلي وتركيب تضاريس تلك القشرة. وهي التي ترفع الجبال وتنشئ الهضاب سواء بالالتواء أو الانكسار أو بالنشاط البركاني. وعندما تظهر تلك الأشكال على سطح الأرض تتناولها القوى الخارجية بالتعديل والتشكيل، تلك القوى التي تتمثل في عوامل التجوية والتعرية. وبينما تتولد القوى الداخلية في باطن الأرض نتيجة للاضطراب الذي يحدث فيها، تنشأ القوى الخارجية في نطاق الغلافين الجوي والمائي.
وتنقسم القوى الخارجية إلى مجموعتين:
أولا: عوامل التجوية:
ويقصد بها فعل الجو "وهو الهواء في حالة السكون" وتأثيره في تفكيك الصخور وتفتيتها محليا. ويتم ذلك إما ميكانيكيا أو كيميائيا. ويقتصر تأثير عوامل التجوية في الصخور على تفتيتها دون نقلها.
ثانيا: عوامل التعرية:
وهي التي تعمل على تفتيت الصخور ونحتها ثم نقلها من موضعها وإرسابها في موضع آخر. وهذه العوامل هي: المياه الجارية، الرياح، وفعل البحر، والجليد المتحرك، وتؤدي هذه العوامل المتحركة وظائف ثلاث:
النحت ثم النقل فالإرساب.

التجوية
مدخل
...
أولا: التجوية:
تعد التجوية بمثابة المرحلة الأولى في عمليات تعرية البيئة الطبيعية، وهي عملية -كما رأينا- ثابتة لا يرتبط بعملها التحرك والانتقال، وهي تؤدي إلى تفكيك الصخر وإعداده لكي ينقل بواسطة عوامل أخرى متحركة كالماء الجاري والرياح والجليد المتحرك.
وتنقسم عوامل التجوية إلى قسمين:
1- عوامل التجوية الميكانيكية أو الأولية:
ويقصد بها تلك العوامل التي تؤدي إلى تحطيم الصخر وتجزئته إلى مفتتات بشرط أن يظل تركيبه المعدني كما هو دون أن يتغير.
2- عوامل التجوية الكيميائية:
وهي التي تعمل على تآكل الصخر وتحلله، وينشأ عنها تغير في تركيبه المعدني.
التجوية الميكانيكية:
وهذه تمارس عملها في تحطيم الصخور بطريقتين:
الطريقة الأولى: الاختلاف اليومي الكبير في درجات الحرارة:
ويتضح تأثير ذلك على الخصوص في الجهات الصحراوية حيث تنخفض الرطوبة في الجو، وحيث يساعد صفاء السماء على عظم الفرق بين درجات الحرارة في الليل وفي النهار، وتتعرض الصخور في تلك الجهات تعرضا مباشرا لأشعة الشمس، فترتفع حرارتها في النهار، ويؤدى ذلك إلى تمدد المعادن المكونة لها. أما في الليل فإن الحرارة تهبط هبوطا كبيرا، وحينئذ تنكمش معادن الصخور. ولما كانت الصخور تتكون من معادن مختلفة تتباين في درجات تمددها وانكماشها فإنها تتعرض للتفكك والتكسر والتقشر "شكل 45".
وتشير تقارير الرحالة في الجهات الصحراوية إلى حدوث أصوات تشبه فرقعة طلقات البندقية، يعتقد أنها أصوات تكسر الصخور بتأثير التغييرات الحرارية.
شكل "45": التجوية بفعل التمدد والانكماش الحراري.
والطريقة الثانية: التغير الحراري اليومي في الجهات الباردة:
وهنا تلعب المياه المتسربة في مسام الصخور دورا كبيرا في تحطيمها، ففي النهار تعمل الحرارة على إذابة الجليد، فتشرب المياه الذائبة في مسام الصخور وشروخها وتملأها. وفي الليل تؤدي البرودة الشديدة إلى تجمد المياه في المسام والشروخ، فيكبر حجمها، ومن ثم تضغط على جزئيات الصخر وتساعد على فصلها من بعضها "شكل 46".
شكل "46": تفكك الصخر وتأثيرات عملية التجمد والذوبان شائعة الحدوث في الحياة اليومية بالجهات الباردة. فكثيرا ما تحدث انتفاخات وتشققات في حواري وأزقة القرى ويصعب تحريك أبواب المنازل بسبب تجمد المياه. وقد تنفجر مواسير المياه، كما تتشقق أجهزة التبريد في السيارات، ويعظم تأثير هذه العملية في الصخور اللينة حتى أثناء الموجات القصيرة الأمد. ويحدث أحيانا أن تنفصل طبقات من أسطح المحاجر الطباشيرية بسبب نمو بلورات الثلج في ثناياها. "شكل 47"
شكل "47": التجوية بفعل التجمد والذوبان "فعل الصقيع"
التجوية الكيميائية:
وتنشأ عادة من تفاعل غازات الجو كالأوكسجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء مع العناصر التي تتكون منها معادن الصخور. ومن ثم يمكن التمييز بين العمليات الآتية التي تحدث بواسطتها تجوية الصخور كيميائيا:
1- عملية الأكسدة:
ويقصد بها اتحاد الأوكسجين مع عنصر من العناصر التي تتألف منها معادن الصخور، فيتحول هذا العنصر إلى مادة أقل صلابة هي التي تعرف بالأوكسيد. ويعد الحديد أكثر العناصر تأثرا بهذه العملية، ولهذا كانت أكاسيده واسعة الانتشار على سطح الأرض.
2- عملية الكربنة أو الإذابة:
وهي مهمة في التحليل الكميائي للصخور الجيرية الواسعة الانتشار على سطح الأرض. ومؤدى هذه العملية أن مياه الأمطار تذيب غاز ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الجو، فتتحول المياه إلى حامض كربونيك مخفف. وهذا الحامض له القدرة على إذابة المادة التي يتكون منها الصخر الجيري "وهي كربونات الكالسيوم". وله القدرة أيضا على التأثير في بعض العناصر التى تتألف منها بعض معادن الصخور النارية. ونتيجة لإذابة بعض المركبات الكيماوية من الصخور بواسطة عملية الكربنة هي أن يتحول الصخر من حالة الاندماج والصلابة إلى حالة من التفكك وعدم التماسك، فتسهل بعد ذلك عملية نحته وإزالته. وهناك بعض المعادن والصخور التي تقبل الذوبان في الماء العادي ومنها الملح الصخري "ملح الطعام" لكنها قليلة الانتشار على سطح الأرض.
3- عملية التميؤ:
ويقصد بها اتحاد الماء أو بخاره مع بعض العناصر التي تتألف منها معادن الصخور فتكبر وتتمدد. وينشأ عن هذا التمدد ضغوط تؤثر في الصخر وتعمل على إضعافه وتفككه.
العوامل التي يتوقف عليها تأثير التجوية:
يؤثر في درجة التجوية ونوعها عدة عوامل أهمها:
1- التركيب المعدني للصخور:
نحن نعلم أن الصخور تتركب من معادن متباينة وكل معدن يختلف عن الآخر في درجة تأثيره بالتجوية. ولذلك فإن الصخور التي تتكون من معادن مقاومة للتجوية كالجرانيت لا تتحلل بسهولة. بعكس الصخور التي تتركب من معادن قابلة للتجوية "الكربنة" كالصخر الجيري، أو الإذابة بالماء العادي كالملح الصخري.
2- نسيج الصخر ومظهره:
فالصخور الكبيرة الحبيبات أسرع في تأثرها بالتجوية من الصخور الدقيقة الحبيبات.
3- بناء الصخور:
فالصخور تحوي فواصل ومنها الصخور النارية، وسطوح انفصال كالصخور الرسوبية الطباقية، أو تتميز بما يشبه الطباقية كالصخور المتحولة. ومثل هذه التراكيب الثانوية تسمح بنفاذ تأثير عوامل التجوية الكيميائية. وكلما كثر وجودها في الصخر كلما ازداد تأثره بالتجوية. وفضلا عن ذلك فإن الصخور التي يصيبها الالتواء والانكسار، تكون أكثر تعرضا للتجوية من غيرها، نظرا لما يحدث بها من تكسر وتفلق.
4- المناخ:
وهو يؤثر في الأهمية النسبية لمختلف أنواع التجوية. فالتجوية الميكانيكية "الذوبان والتجمد والاختلاف الحراري اليومي والفصلي" تسود في الأقاليم الباردة والجافة. بينما تسود التجوية الكيميائية "الكربنة والإذابة والأكسدة والتميؤ" في الأقاليم الرطبة سواء كانت معتدلة أو حارة.
5- الزمن:
من البديهي أنه كلما طال زمن تعرض الصخر للتجوية كلما اشتد عمقها وزاد تأثر الصخر بها.
6- الغطاء النباتي والتربة:
وهما يحميان الصخور الموجودة أسفلهما من فعل التجوية الميكانيكية على الخصوص. أما التجوية الكيميائية فتستطيع النفاذ إلى الأساس الصخري والتأثير فيه، خصوصا حينما تتركز الأحماض العضوية في التربة وهي الأحماض الناشئة عن تعفن وتحلل النباتات.
آثار التجوية في تشكيل سطح الأرض:
1- تعتبر التجوية بمثابة عملية مساعدة لعوامل التعرية المتحركة، فهي تفكك الصخور وتفتتها ومن ثم تجهزها للنقل بواسطة الرياح أو الماء الجاري أو الجليد المتحرك. فتسهم بذلك في سرعة تآكل الصخور وتخفيض سطح اليابس.

2- تساهم عملية الإذابة "الكربنة" في تخفيض سطح المناطق التي تتركب من صخور جيرية. فالمناطق الجيرية التي توجد بالأقاليم الرطبة تتميز بأنها أقل ارتفاعا من المناطق المجاورة التي تتركب من صخور أكثر مقاومة لعملية الإذابة.
"شكل 48": فعل التجوية والتعرية في كتلة صخرية تتركب من طبقات أفقية متفاوتة الصلابة
3- تساهم في تشكيل سطح الأرض، فهي تحدث فجوات وحفرا خاصة في المناطق الجيرية.
4- تنشئ تلالا مروحية الشكل عند حضيض المرتفعات.
5- تعمل على تكوين التربة. والتربة هي الغطاء السطحي المكون من المفتتات الصخرية الدقيقة.

بواسطة : essaher
 0  0  2.4K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:21 صباحًا الإثنين 20 مايو 2024.