• ×

04:33 صباحًا , الإثنين 20 مايو 2024

الظاهرات المثالية لوادي النهر في حالة النضج

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الظاهرات المثالية لوادي النهر في حالة النضج:
يتميز النهر في مرحلة النضج بظاهرات معينة نجدها أيضا في المجرى الأوسط الذي يعرف بالوادي. وإليك مميزات وادي النهر في تلك المرحلة:
1- يصبح وادي النهر أكثر اتساعا، نظرا لأن النحت الجانبي يزداد قوة.
2- يقل الانحدار فتتناقص سرعة التيار عنها في مرحلة الشباب.
3- يزداد وضوح منعطفات الشباب. فتبرز الضفاف المقعرة قائمة مكونة لجروف نهرية بينما تنحدر الضفاف المحدبة انحدارا هينا مكونة لسفوح رسوبية.
ويمكنك التعرف على أدوار المنعطفات إذا تتبعت الأشكال المجسمة رقم "54أ، ب، ج، د".
ففي الشكل "54أ" ترى منعطفات الشباب، فالنهر يتفادى الكتل أو الألسنة الصخرية فيدور حولها في هيئة أقواس. وترى التعرية الجانبية قد بدأت عملها في الضفاف المقعرة.
وفي الشكل رقم "54ب" ترى جوانب الوادي وقد تآكلت وانخفض مستواها بفعل التجوية كما تآكلت أطراف الكتل أو الألسنة الصخرية بفعل النحت الجانبي. وقد ترتب على ذلك أن أصبح الوادي أكثر اتساعا. كما ازدادت أهمية الإرساب على الضفاف المحدبة.
وفي الشكل رقم "54جـ" ترى الوادي وقد أصبح ناضجا. فهو يبدو متسعا تكتنفه الجروف، كما تغطي الرواسب معظم أرضيته.
وفي الشكل "54د" تشاهد الوادي وقد اكتمل نضجه تماما، وأخذ في الاقتراب من مرحلة الشيخوخة. وأنشأ النحت الجانبي واديا عريضا تغطي أرضه كلها طبقات من الرواسب. وتتضح بداية تكوين السهل الفيضي. كما تشاهد المنعطفات وهي تقطع أرض الوادى بجميع اتساعه من جانب إلى جانب.

انظر إلى الأشكال "العلوية" بإمعان، لتتبين حركة المياه وفعلها في المنحنيات.
الظاهرات المثالية لوادي النهر في مرحلة الشيخوخة:
في هذه المرحلة يجري النهر بطيئا مترنحا في سلسلة متتابعة من المنعطفات فوق واد مستوٍ، تحف به حافات صخرية منخفضة. ويصبح للإرساب أهمية كبرى، بينما يتوقف النحت الرأسي باستثناء عملية شق المجرى خلال السهل الفيضي.
وأهم الظاهرات التي تتسم بها مرحلة الشيخوخة والتي نجدها في المجرى الأدنى للنهر ما يلي:
1- السهل الفيضي:
يمر تكوين السهل الفيضي بالأدوار الآتية:
الدور الأول:
يتمثل في عملية توسيع الوادي عن طريق النحت الجانبي، ويتم ذلك في مرحلة النضج.
الدور الثاني:
يتمثل في عملية الإرساب التي تحدث على الجوانب المحدبة للمنعطفات، فينشأ من ذلك ظهور ضفاف نهرية إرسابية. ويتوالى تحرك المنعطفات على أرض الوادي، حتى تتغطى كلها بغطاء من الرواسب. وتبدأ تلك العملية في مرحلة النضج وتستمر في مرحلة الشيخوخة.
والدور الثالث:
يميزه إرساب الغرين والطين على أرض الوادي. ويحدث ذلك حينما يفيض النهر، ويطغى على ضفافه، فينشر تلك الرواسب على جميع أرض الوادي. وتلك هي العملية الأخيرة في تكوين ونمو السهل الفيضي "انظر الشكل 53".
وتتميز السهول الفيضية عادة بعظم سمك رواسبها. ففي وادي النيل الأدنى على سبيل المثال لم تصل أعمال حفر الآبار رغم عمقها إلى القاعدة الصخرية التي ترتكز عليها الرواسب النيلية. وفي موسم كل فيضان يستطيع النهر أن يوزع طبقة من الرواسب الغرينية فوق سهله الفيضي. وهي ظاهرة لها أهميتها الخاصة بالنسبة للزراعة في أودية الأنهار الكبرى؛ نظرا لأنها تجدد خصوبة الأرض. كما كان الحال بالنسبة لنهر النيل قبل إنشاء السد العالي، وكما هو الحال بالنسبة لنهري دجلة والفرات، والأودية النهرية الآسيوية حيث يعتمد مئات الملايين من السكان على زراعة الأرز.
2- البحيرات المقتطعة:
عرفت أن النهر في مجراه الأدنى يسير مترنحا فوق سهله الفيضي الفسيح المستوي، وتلك ظروف ملائمة لوجود المنعطفات. فتيار النهر يكون بطيئا فلا تستطيع المياه التغلب عى العقبات التي تعترضها، فتضطر إلى تفاديها باللف حولها، فتنشأ نتيجة لذلك المنعطفات.
تأمل الشكل رقم "64" تجد منعطفا نهريا وقد اقتربت ضفتاه المقعرتان من بعضهما نتيجة لنحت المياه فيهما، وتلاحظ وجود عنق من اليابس يفصل بينهما نسميه "عنق المنعطف". وفي الشكل "64" نجد مياه النهر وقد نجحت بالنحت في اختراق عنق المنعطف مكونة لنفسها مجرى جديدا قصيرا بدلا من مجرى المنعطف الذي كانت تسير فيه من قبل، ويحدث ذلك غالبا في موسم الفيضان. ويسمى المنعطف حينئذ "بالمنعطف المقطوع" نظرا لأنه قد اقتطع من المجرى النهري.
وفي الشكل "64جـ" ترى النهر وقد كون سدا رسوبيا يفصل المجرى الجديد عند طرفي المنعطف المقطوع، فيبدو الأخير على شكل بحيرة هلالية الشكل تسمى بالبحيرة المقتطعة لأنها اقتطعت من مجرى النهر.
وبعد تكوين البحيرة المقتطعة، يظل الإرساب مستمرا فوق قاع النهر وعلى ضفافه فيعلو مستواهما بالتدريج عن مستوى البحيرة المقتطعة. وهذا ما تشاهده في القطاع "شكل رقم جـ". ويكثر وجود المنعطفات والبحيرات المقتطعة في المجاري الدنيا للأنهار الكبيرة ومثلها نهر المسيسبي وميكونج "كامبوديا" وهوانجهو "بالصين".
وحين تنظر إلى خريطة لمجرى النيل في مصر تلاحظ وجود منعطفات تزداد عددا في مجرى فرعي رشيد ودمياط. لكننا لا نرى بحيرات مقتطعة في وقتنا الحالي، ولا ينتظر تكوينها في المستقبل، لأن مصر تتحكم في مجرى النهر فلا تسمح له بالسير على طبيعته. فهي تعرقل النحت بتقوية الجسور وإقامة الرءوس من الأحجار في المنحنيات التي يشتد فيها التيار، حتى لا تطغى المياه على الأراضي الزراعية.
ومع هذا فإنه يتضح من دراسة خريطة محافظة القليوبية أن هناك بحيرة مقتطعة كانت متصلة من قبل بفرع دمياط، وهناك قرية تقع في غربها بينها وبين فرع دمياط تسمى جزيرة الأعجام. ولا شك أن أمثال هذه البحيرة كان موجودا من قبل، لكنها جفت وسويت وأضيفت إلى الأرض الزراعية.
3- الجسور الطبيعية ورفع قاع المجرى بالإرساب:
يتم تكوين الجسور الطبيعية وإطماء المجرى "أي رفع قاعه بالإرساب" بالمراحل الآتية "انظر الشكل رقم 53".
أ- يحدث الإرساب على ضفاف نهر في مرحلة الشيخوخة "المجرى الأدنى للنهر" أثناء موسم الفيضان. ومع كل فيضان يزداد سمك الرواسب فيرتفع منسوب الضفاف. وبذلك تتكون الجسور الطبيعية.
ب- ويحدث الإرساب في قاع النهر في وقت التحاريق "في غير موسم الفيضان" ومن ثم يرتفع منسوب القاع.
ج- وبمرور الزمن، وبتكرار الإرساب فوق قاع المجرى وضفافه، يصبح النهر وقد ارتفع منسوبه فوق مستوى سهله الفيضي.
وتعتبر مثل هذه الأنهار التي تجري على منسوب يعلو سهولها الفيضية مصدر خطر وتهديد لمناطق العمران التي تحف بها. ففي مواسم الفيضان العالي قد تجتاح جسورها وتطغى المياه على سهولها الفيضية، فتحدث الكثير من التخريب والتدمير. ومثلها الهوانجهو واليانجستي -كيانج في الصين والمسيسبي في الولايات المتحدة والبو في شمال إيطاليا، فهي جميعا تجري في أجزائها الدنيا فوق منسوب سهولها الفيضية، وتسبب فيضاناتها بين حين وآخر كوارث مدمرة.
4- الدالات:
تنشأ الدالات من إرساب حمولة النهر وتراكمها عند مصبه في بحر أو
"شكل 64": كيفية تكوين البحيرة المقتطعة بحيرة، وهي على عدة أشكال: فمنها المثلثي الشكل كدلتا النيل والكانج "الهند" والسند "باكستان" وإيراوادي "بورما"، ومنها ما يشبه قدم الطائر كدلتا المسيسبي شكل "65".
شكل "65": دلتا المسيسبي
المرحلة الأولى: يحدث الإرساب ويتفرع النهر إلى عدة فروع تحف بها جسور طبيعية، وتنشأ ألسنة وحواجز رسوبية، وتبدأ البحيرات في التكوين.
المرحلة الثانية: تبدأ البحيرات في الامتلاء بالرواسب، وتتحول إلى مستنقعات ضحلة وتتسع الدلتا ويكبر حجمها.
المرحلة الثالثة: تصبح الأجزاء القديمة من الدلتا وقد غطتها النباتات الطبيعية، ويعلو مستواها تبعا لذلك وأيضا بسبب الإرساب أثناء الفيضان. وتختفي المستنقعات بالتدريج. وتصبح هذه الأجزاء جافة صالحة للسكن وللاستغلال الاقتصادي.
تأمل خريطة الدلتا المصرية "شكل 67"، ولاحظ أنها دلتا ناضجة عمرها الإنسان منذ القدم، وهي أكثف جهات مصر سكانا. ومع ذلك فما تزال أطرافها الشمالية عامرة بالبحيرات وهي من الشرق إلى الغرب: المنزلة، البرلس، إدكو، مريوط. ويتفرع النيل حاليا إلى الشمال من القاهرة إلى
شكل "66": مراحل تكوين الدلتا فرعين رئيسيين هما: فرع دمياط وفرع رشيد، والأول أطول من الثاني، إذ يبلغ طوله من القناطر الخيرية حتى البحر المتوسط 242 كم، بينما يقل طول فرع رشيد عن ذلك بنحو 6 كم.
وتنمو الدالات على حساب البحر كل عام. وهي تختلف في درجة نموها. فبعض الدالات تنمو أسرع من الأخرى إذا ما توافرت ظروف إرساب أنسب. فدلتا المسيسبي تتقدم في خليج المكسيك بمعدل 76 مترا كل عام، ودلتا نهر البو "في شمال إيطاليا" تنمو في البحر الأدرياتي بمعدل 12 مترا كل عام. أما دلتا النيل فقد توقفت عن النمو في البحر بسبب السد العالى الذي يحجز أمامه الرواسب.
شكل "67": دلتا نهر النيل وفروعها
شروط تكوين الدالات:
ينبغي لتكوين الدالات توافر شروط معينة هي:
1- أن تكون حمولة النهر كبيرة. وهذا يعني أن تكون التعرية النهرية نشيطة قوية في مجراه الأعلى.
2- أن يكون الجزء الأدنى من النهر في مرحلة الشيخوخة، حتى يكون النهر بطيء الجريان فيرسب معظم حمولته عند المصب. "النهر السريع الجريان يستطيع رفع رواسبه إلى عرض البحر".
3- أن تكون منطقة المصب هادئة خالية من التيارات البحرية والأمواج وحركات المد والجزر، حتى لا تتحرك الرواسب وتنقلها بعيدا عن المصب.
4- أن تكون البحيرات التي تعترض مجرى النهر قليلة أو معدومة، حتى لا يرسب النهر فيها حمولته فلا يصل منها إلى المصب إلا قليلا.
5- أن تكون منطقة المصب ضحلة "غير عميقة وغير آخذة في الهبوط" فتنمو الدلتا بسرعة.

بواسطة : essaher
 0  0  1.6K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 04:33 صباحًا الإثنين 20 مايو 2024.