• ×

09:13 مساءً , الثلاثاء 14 مايو 2024

النازلة الرابعة : لبس الكمامات حال الإحرام .

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
النازلة الرابعة : لبس الكمامات حال الإحرام .
والكمامات هي ما يوضع على الأنف والفم من قطن أو قماش أو نحو ذلك ليمنع دخول الدخان والغبار والروائح الكريهة وغيرها وقد أنتشر استعماله في هذه الأزمنة في أوقات الحج بسبب كثرة السيارات وعوادمها والغبار وغير ذلك فأصبح كثير من الناس خاصة رجال الأمن والذين يكثر وجودهم في الشوارع أصبحوا يلبسونها بكثرة فما حكم لبس هذه الكمامات على الوجه ؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال ونبين حكم لبس هذه الكمامات لا بد أن نجيب على سؤالين :
السؤال الأول هو هل الكمامات من جنس ما نهي عنه من الألبسة في حال الإحرام ؟ قد ذكرنا في المسألة السابقة أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ نهى عن القمص والسراويلات والعمائم والبرانس ونهى عن الجبة كما في مجموع الأحاديث. حديث ابن عباس وحديث يعلى وابن عمر _ رضي الله تعالى عنهم أجمعين_ وقلنا إن أهل العلم قالوا إن هذه الأحاديث بمجملها تدل على إن المحرم ممنوع مما فصل على قدر الأعضاء. فهل الكمام الذي يوضع على والوجه من قماش أو نحوه يأخذ حكم هذه الألبسة مثل الفنيلة التي فصلت على قدر الجسم واليدين أو مثل السراويل الذي فصل على قدر الرجلين أو مثل القميص أو نحو ذلك. هذا الكمام لم يفصل على قدر الأعضاء خاصة ما يكون منه على شكل قماش فإن هذا إنما يوضع على الفم ويربط خلف العنق فهذا لم يفصل على قدر أعضاء الوجه . وبتالي فإننا نقول إن الكمامات ليست من الألبسة التي نص النبي _صلى الله عليه وسلم _ على تحريمها ولا من جنس هذه الألبسة التي نص النبي_صلى الله عليه وسلم _ على تحريمها هذا هو جواب السؤال الأول. نأتي إلى سؤال أخر يتعلق بهذه المسألة فإذا لم تكن من المخيط فهل يجوز لبسها ؟ لا بد أن نجيب على
السؤال الثاني الذي يقول هل المحرم ممنوع من تغطية وجهه ؟ انتم تعرفون أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه وتغطية الرأس لا يشترط فيها أن يكون ما يوضع على الرأس مما يلبس عادةً فإذا غطى الإنسان رأسه بطاقية أو عمامة أو برنس أو نحو ذلك فإن ذلك كله ممنوع فهل المحرم ممنوع من تغطية وجهه أيضا لأننا إذا قلنا أن المحرم ممنوع من تغطية وجهه فالكمام تغطية وجه فإنه يكون حينئذ ممنوعا من لبس الكمامات ؟ للجواب على هذا السؤال أقول روا الجماعة عن النبي _صلى الله عليه وسلم _ من حديث ابن عباس _رضي الله تعالى عنهما _أن رجلاً كان واقفا بعرفات فوقع عن راحلته فمات فقال النبي _صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تُحنطوه ولا تُخمروا رأسهُ ـ ما هي العلة ؟ ـ قال النبي _صلى الله عليه وسلم _ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا إذا العلة فيما أمر به النبي _صلى الله عليه وسلم_ وما نهى عنه في حق هذا المحرم الذي مات هوانه يبعث يوم القيامة ملبيا إذاً هو وإن مات إلا أنه لا يزال باقيا على إحرامه .فالنبي _صلى الله عليه وسلم _قال ولا تخمروا رأسهُ ـ ومعنى لا تخمروا رأسه أي لا تغطوه ومنه الخمار لغطاء الرأس ـ ولا تخمروا رأسه هذه رواية الجماعة . لكن ورد في رواية عند مسلم أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال ولا تخمروا رأسه ولا وجهه . وهذه الرواية أيها الإخوة هي التي من خلال ثبوتها وعدمه يمكن أن نجيب على هذا السؤال . فنقول هل يجوز للمحرم أن يغطي وجهه أو لا ؟ . هذه الزيادة التي رواها مسلم في صحيحة أختلف أهل العلم فيها . فذهب جماعة من أهل العلم كالإمام البيهقي والحاكم وابن حجر وجماعة من أهل العلم إلى أن هذه الزيادة غير محفوظة وأنها شاذة حتى وإن وردت في صحيح الإمام مسلم فإن من رواها من الثقات خالفوا من هو أوثق منهم وبتالي فإنها شاذة معلولة لا تصح ولا يصلح الاحتجاج بها . وذهب فريق أخر من أهل العلم إلى أن هذه الرواية التي وردت في صحيح مسلم زيادة مقبولة محفوظة وأظن أن ممن قال بذلك الإمام النووي _رحمه الله تعالى_ كما في شرحهِ لصحيح مسلم فإنه ما أنكر هذه الرواية أو هذه الزيادة وممن أيضا قال أنها محفوظة وصححها الشيخ الألباني فإنه حكم عليها بالصحة فهذه الزيادة هي مدار الخلاف فإذا رجحنا ما ذهب إليه البيهقي والحاكم وابن حجر من أنها شاذة غير محفوظة فإننا نقول إن الحديث الصحيح هو ولا تخمروا رأسه ويبقى الوجه على الأصل . فيكون مما يباح ويجوز تغطيتهُ وإذا رجحنا ما ذهب إليه النووي _رحمه الله تعالى _والألباني عليه رحمة الله فإننا نقول لا يجوز تغطية الوجه . وبناء على ذلك أختلف أهل العلم في تغطية الوجه . فذهب أبو حنيفة ومالك _عليهما رحمة الله _ إلى أن المحرم ممنوع من تغطية وجهه وهو قول ابن عمر _رضي الله تعالى عنهما_ .
وذهب جمهور أهل العلم وهو ما رواه ابن أبي شيبة عن عثمان بن عفان _رضي الله تعالى عنه_ وعن جابر وعن جمع من فقهاء التابعين مثل عطاء وطاووس ومجاهد والنخعي وغيرهم . ذهبوا إلى أن المحرم يجوز له أن يغطي وجهه وعثمان _رضي الله عنه_ توفي له ولد وهو محرم فغطى وجهه وكفنه ولم يغط رأسه. وأيضاً روا ابن أبي شيبة أن عثمان _رضي الله عنه_ خمر وجهه بقطيفة وهو محرم والذي يظهر لي والعلم عند الله سبحانه وتعالى هو أن هذه الزيادة وقد سألت بعض طلبة العلم المعاصرين المتخصصين في علم الحديث فقال إن هذه الزيادة الراجح فيها أنها شاذة غير محفوظة وبالتالي لا تثبت فيبقى الوجه على الأصل وحينئذ نقول إن المحرم غير ممنوع من تغطية وجهه إذا أجبنا على هذين السؤالين فقلنا إن الكمام الذي يوضع على الوجه ليس من جنس المخيط الذي نهى عنه النبي _صلى الله عليه وسلم _ وان المحرم غير ممنوع من تغطية وجهه فإننا نقول حينئذ إنه لا بأس على المحرم أن يلبس الكمامات التي توضع على الأنف والفم للوقاية من الغبار والدخان ونحو ذلك . وهذا هو القول الراجح إن شاء الله تعالى .والعلم عند الله سبحانه وتعالى .

بواسطة : essaher
 0  0  785
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:13 مساءً الثلاثاء 14 مايو 2024.